سألَ عادلٌ بوجهٍ تملؤُهُ الدّهشةُ: “ماذا تقصدُ؟”
ابتسمَ جمالٌ وبدأ يشرحُ قائلاً: “في واقعِ الأمرِ نحنُ جميعاً نولَدُ بطبيعةٍ تُغرينا بارتكابِ الأخطاءِ. فحتّى بعدَ أن نخلُصَ، تواصلُ طبيعتُنا القديمةُ إغراءَنا بارتكابِ الخطايا. لذا علينا أن نتذكَّرَ أنَّ يسوعَ ساكنٌ فينا وأنّهُ سيساعدُنا في أن نتصرّفَ بطريقةٍ صحيحةٍ إذا اتّكلنا عليه. وأنا لمْ أفهمْ هذا الأمرَ إلاّ عندما أوضحتْهُ لي بُشرى.”
فقالَ عادلٌ: “يبدو هذا الكلامُ مشابِهاً لما تقولُهُ لي ليلى. فقد لاحظَ والديَ تغييراً في تصرّفاتِها، لكنّني لا أظنُّ أنّهُ سيدومُ طويلاً.”
فأكّدَ جمالٌ لهُ قائلاً: “بل سيدومُ فعلاً. فالرّبُّ يسوعُ يعطينا حياةً أبدّيةً عندما نصبحُ مُلكاً لهُ. وهو يريدُ مساعدَتَنا في اتّخاذِ القراراتِ الصّحيحةِ بدلاً من القراراتِ الخاطئةِ. ولا يعني ذلك أنّنا لن نخطئَ ثانيةً. لكن عندما نخطئُ، يمكنُنا أن نطلبَ إلى يسوعَ أن يُسامحَنا، وسيفعلُ ذلك ويُساعدُنا في الاستمرارِ في حياتِنا معه.”
سألَ عادلٌ: “ألمْ تكنْ ليلى تعملُ بهذا من قبلُ؟
“كلا، لم تكنْ تعلمُ بذلك. لكنّها الآن حتى لو نسيت وأخطأت، فإنّها ستطلبُ الغفرانَ، ولن تستمرَّ في ارتكابِ هذا الخطأ كما كانتْ تفعلُ من قبلُ، وينطبقُ هذا عليَّ أنا أيضاً.”
تنهّدَ عادلٌ وهو ينهضُ عن الأرضِ وقال: “يبدو كلامُكَ جيّداً، لكن عليَّ أن أفكّرَ فيهِ.”
وواصلَ كلامَه قائلاً: “لقد وعدْتُ هاني بأن أذهبَ معهُ ومعَ الشّلّةِ غداً، لكنّني سأقطعُ صِلتي بهم في ما بعدُ. لم أخبرْهُمْ بذلكَ بطبيعةِ الحالِ، لكنّني بدأتُ أمَلُّ أوامر هاني. وسأقطعُ صِلتي به اعتباراً من بعدِ الغد.”
حاولَ جمالٌ أن يَثني عادلاً عن الذَّهابِ، حتى أنّهُ أخبرَهُ بأنَ هاني سيدبرُ له مقلباً أو مكيدةً. فهزَّ عادلٌ كتفيهِ دونَ مبالاةٍ وقالَ: “إنّنا ذاهبونَ لإصلاحِ تلكَ الطوّافةِ القديمةِ بجانبِ النّهرِ. وسيحتاجُ هذا إلى كثيرٍ من العملِ.
ويعلمُ هاني أنّني ماهرٌ في استخدام المطرقةِ. ولا أظنُّ أنّنا سنُنْهي العملَ غداً، لذلكَ لنْ تسنحَ لهُ الفرصةُ لأن يجرّبَهُ في النّهرِ. وعندما يفعلونَ ذلكَ لن أكونَ معهم.”
وفي صباحِ اليومِ التّالي، أي يومِ الجمعةِ، انشغلَ جمالٌ بمساعدةِ والده في تنظيفِ حديقةِ المنزلِ ولمِّ أوراقِ الأشجارِ التي سقطتْ على الأرضِ. كانَ يفكّرُ بعادلٍ وتمنّى لو كانَ بإمكانِهِ أن يذهبَ إلى النّهرِ ليرى ما يحدُثُ هناك.
أرسلهُ والدُهُ بعدَ وجبةِ الغذاءِ ليبحثَ عن قطعةِ غيارٍ بديلةٍ لآلةِ جزِّ العشبِ. ذهبَ إلى حوانيتَ عديدةٍ، لكنّهُ لمْ يجد القطعةَ المطلوبةَ. وكانَ والدُهُ قد أخبرهُ أنّهُ حالما يجدُ هذهِ القطعة يمكنُهُ أن يفعلَ ما يشاءُ بقيّةَ ذلك اليومِ.
ازدادَ إحباطُ جمالٍ أكثرَ فأكثرَ. وأخيراً توقّفَ وصلّى: “ربّي الحبيبَ يسوعَ، أرجو أن تساعدْني في أن أجدَ القطعةَ المطلوبةَ، لأنّني أريدُ أن أبحثَ عنْ عادلٍ وأتأكّدَ من أنّهُ بخيرٍ.”
عندما ذهبَ جمالٌ إلى الحانوتِ التالي، عرضَ على مديرِ الحانوتِ القطعةَ المطلوبةَ، فأحضرَ المديرُ القطعةَ البديلةَ الجديدةَ ووضعَها على الطاولةِ. فابتسمَ جمالٌ ابتسامةً عريضةً وقال بسرورٍ: “شكراً أيّها الرّبُّ يسوعُ.” صلّى جمالٌ أثناءَ سيرِهِ في طريقِ العودةِ إلى البيتِ شاكراً اللهَ على مساعدتِهِ، وطالباً منهُ أن يكونَ معَ عادلٍ.
هل سيتورّطُ عادلٌ مُجَدداً؟ هل سيجدُ
جمالٌ عادلاً؟ لا تُفَوِّت الفصلَ القادمَ؟