ناداه عادلٌ: “جمالُ”. لكنَّ جمالاً لم يتوقفْ، إذْ واصلَ انطلاقَهُ لأنه كان عليه أن يقومَ بمهمةٍ وحدَه.
كان الظلامُ قد بدأَ يسودُ عندما وصلَ جمالٌ أخيراً إلى البيتِ. رأى بُشرى عندَ النافذةِ، لكنه أرسلَ إليها إشارةٌ يُفْهِمُها من خلالِها أنه لن يستطيعَ التوقفَ للتحدثِ إليها. كان جمالٌ متعباً جداً، فكان كلَّ ما استطاعَ أن يقومَ به هو أن يجلسَ ويتناولَ عشاءَه. سألتْهُ والدتُهُ أينَ كان. وعندما أخبرَها نظرتْ إليه قلقةً وقالت: “اذهب وَنَمْ حالما تنتهي من تناول عشائِكَ. وفي المرةِ القادمةِ، أرجو ألاّ تتغيبَ طويلاً دون أن تخبرَني عن ذلك أوّلاً.”
قال جمالٌ: “أنا آسِفٌ يا أمي. لم أكنْ أعلمُ أن الأمرَ سيستغرقُ كلَّ هذا الوقتِ.”
عندما انتهى جمالٌ من تناولِ طعامِه، خرج ليضعَ دراجتَهُ في مكانِها. وجفلَ عندما رأى شخصاً يقفُ إلى جانبِ الكراج. قال عادلٌ بصوتٍ منخفض: “هذا أنا. جئتُ لأطلبَ منك ألاّ تخبرَ أحداً عن الذين شاركوا في رحلةِ صيدِ السمكِ تلك يومَ السبتِ. وعَدَ الجميعُ، ما عداك، بأن لا يقولوا شيئاً. حاولتُ أن ألحقَ بك بعد الدوامِ المدرسيِّ، لكنك لم تنتظرْ. كنتُ أخشى أن تخبرَ أحداً قبل أن أتحدثَ معك. أنت لم تخبرْ أحداً. أليس كذلك، يا جمالُ؟” كان صوتُ عادلٍ مملوءاً بالقلقِ.
فكّرَ جمالٌ كيف يمكنُهُ أن يجيبَه عندما أمسكَ عادلٌ بذراعِه. وسألَه مطالباً بإجابةٍ: “ما خَطْبُك؟ لمَ لا تجيبُني؟ هل أخبرتَ أحداً؟”
جابَ جمالٌ بصوتٍ هادئٍ: “نعم أخبرتُ شخصاً يا عادلُ، لكنه ليس من تظنُّه أنت. إنه…”
قاطعَ عادلٌ كلامَهُ غاضباً. “ذهبتَ وأفشيتَ السرَّ؟ إذا هذا ما يقومُ به المؤمنُ بالمسيحِ – يَشِي بأصدقائِه! أنا
واستدارَ عادلٌ واندفعَ راكضاً قبلَ أن يتمكنَ جمالٌ من إيقافِه.
أكرهُك يا جمالُ. لن نعودُ أصدقاءً في ما بعدُ. وأنا لن أصبحَ مؤمناً بالمسيحِ أبداً، بعدَ هذا الذي فعلْتَهُ بي.”
عندما استيقظَ جمالٌ في صباحِ اليومِ التالي، تذكّرَ غضبِ عادل في الليلةِ السابقةِ. وبقيتْ كلماتُهُ “لن أصبحَ مؤمناً بالمسيحِ أبداً” تَرنُّ في أذنيه. ارتدى ملابسَه ثم قرأَ في كتابِهِ المقدَسِ. وبينما كان يقرأ يوحنا 16: 23، قفزَ منفعلاً. وعندما قرأَ الآية مرةً أخرى بصوتٍ عالٍ.
قررَ جمالٌ أن يكررَ هذه الآيةَ مرةً تِلوَ الأخرى إلى أن يتمكنَ من حفظِها دون أن يقرأَها من الكتابِ. “…إن كلَّ ما طلبتم من الآبِ باسمي يعطيكم.” وقال جمالٌ لنفسِهِ: “أعتقدُ أن هذه فكرةٌ ممتازةٌ. سأطلقُ على هذه الآيةِ اسمَ ‘آيةِ كلِّ ما’ وسأستخدمُها الآن.” “…إن كلَّ ما طلبتم من الآبِ باسمي يعطيكم”، هتفَ “يا للروعةِ!”
ماذا سيفعلُ جمالٌ بآيتِه، آيةِ “كلَّ ما”؟ إلى من تحدَّث جمالٌ عمّا حدثَ في رحلةِ صيدِ السمك؟ هل سيعودُ عادلٌ وجمالٌ صديقين مرةً أخرى؟ ستستمرُّ مغامراتُ جمالٍ في الدرسِ التالي.